الكاذب ويشغلهم مدّة لمحادثات الصلح حتّى يتهيأ من جديد لإنزال ضربة قاصمة بالمسلمين ، ولكنّ المسلمين إذا تحركوا في أجواء الصلح من موقع الحذر والاحتياط واحتفظوا بقواهم العسكرية فإنهم سيأمنون من كيد العدو ، الإمام علي عليهالسلام يوصي قائده الشجاع مالك الأشتر في عهده له بأن يستغل أية فرصة للصلح مع العدو ولكنه يحذّره من مكر الأعداء ويقول :
«ولا تدفعنّ صلحاً دعاك إليه عدوّك ولله فيه رضى ... ولكن الحذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه ، فإنّ العدوّ ربّما قارب ليتغفّل فخذ بالحزم ، واتّهم في ذلك حسن الظّن». (١)
ثمّ إنّ الله تعالى في ختام الآية الشريفة يقول للنبي الكريم صلىاللهعليهوآله بأن الله تعالى سيكفيك مكرهم في هذه الصورة فهو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين :
(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
فليس بإمكانك أن تؤلف بين قلوب العرب والقبائل العربية المتنازعة والمتعادية بأدوات المال والقوّة وأمثالها فلو أنك أنفقت عليهم جميع ثروات الأرض لم تتمكن من تأليف قلوبهم ولكنّ الله تعالى هو الذي ألّف بينهم ، وهذه نعمة عظيمة عليك وعلى المسلمين.
إنّ الآيات الأربع المذكورة آنفاً تحتاج إلى أبحاث معمّقة ودراسات كثيرة لاستكشاف مضامينها واستجلاء معانيها ولكننا نكتفي بهذا المقدار ونصرف النظر إلى مباحث اخرى.
من هم المؤمنون؟
سؤال : في حقّ من نزلت آية النصرة هذه ، ومن هو المقصود بالمؤمنين؟
الجواب : وردت روايات كثيرة في هذا المجال ذكرها العلّامة الأميني في «الغدير» (٢)
__________________
(١) نهج البلاغة : الكتاب ٥٣.
(٢) الغدير : ج ٢ ، ص ٤٩ فصاعداً.