وكذلك ذكرها صاحب «احقاق الحقّ» (١) وهذه الروايات على قسمين :
الأوّل : الروايات التي تقول : بأن أوّل ناصر ومعين للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هو الإمام علي عليهالسلام وهذه الآية الشريفة تشير إلى الإمام علي.
الثاني : الروايات التي تتحدّث عن نصرة الإمام علي عليهالسلام للنبي ولكنّها لا تذكر شيئاً عن تطبيق آية النصرة عليه ، ونكتفي بذكر رواية واحدة من كلٍّ من هذين القسمين :
١ ـ ما أورده ابن عساكر صاحب كتاب «تاريخ دمشق» عن أبي هريرة (٢) أنه قال :
«مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ لا الهَ إلّا أنَا وَحْدِي ، لا شَريكَ لي ، وَمُحَمَّدٌ عَبْدي (٣) وَرَسُولي ، ايَّدْتُهُ بِعَلِيٍّ وَذلِكَ قَوْلُهُ (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)». (٤)
وهنا لا بدّ من التلميح بثلاث نقاط :
أوّلاً : بالرغم من أن أبا هريرة لم يصرّح بنسبة هذه الرواية إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ولكن مع الأخذ بنظر الاعتبار جملة «مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ» يتّضح جيّداً أن أبا هريرة سمعها من النبي لأنه لا يمكنه أن يدّعي هذا بنفسه.
ثانياً : إنّ شأن نزول آيات القرآن على نحوين : الأوّل : شأن النزول المنحصر بفرد معيّن مثل آية «إكمال الدين» و «آية الولاية» وأمثالهما من الآيات التي نزلت في شأن عليّ ابن أبي طالب بالخصوص ولا تستوعب في أجوائها غيره من المسلمين.
الثاني : شأن النزول العامّ والذي لا ينحصر بفرد معيّن ولكن هناك مصداق أكمل لمضمون هذه الآيات الشريفة حيث يرد ذكر هذا المصداق عادةً في الروايات من قبيل «آية النصرة» الواردة في حقّ المسلمين بشكل عامّ ولكنّ الإمام علي عليهالسلام هو المصداق البارز والكامل لها.
__________________
(١) احقاق الحقّ : ج ٣ ، ص ١٩٤ فصاعداً.
(٢) لقد وردت هذه الرواية بطرق اخرى أيضاً غير طريق أبي هريرة ، ومنها عن ابن عبّاس ، وجابر ، وأنس.
(٣) مسألة العبودية إلى درجة من الأهمّية أنها ذكرت قبل الرسالة والنبوة كما أن المصلّي في التشهد يذكر الشهادة بالعبودية قبل الشهادة بالرسالة لرسول الله.
(٤) نقلاً عن احقاق الحقّ : ج ٣ ، ص ١٩٤.