وتشريعها بل بمعنى القيام على تنفيذها والعمل على إجراء القانون الإلهي ، ولهذا لا داعي لذكره مرّة اخرى في الآية الشريفة.
توصيات الآية
١ ـ إنّ أهم توصية في الآية الشريفة هي أن المسلمين يجب أن يذعنوا تماماً في مقابل الأحكام الإسلامية ويعملوا بالتكاليف الإلهية ويطيعوا الله ورسوله بدون سؤال وترديد ، ولا ينبغي لهم أن يختاروا ما هو الملائم لمزاجهم والمتناغم مع أهوائهم من هذه الأحكام ليعملوا به ويتركوا الباقي بل عليهم أن يتحركوا في خط الطاعة والرسالة ولو كان على خلاف ميولهم ورغباتهم فإنّ مثل هذا الشخص هو المؤمن الحقيقي والمسلم الواقعي.
ويحدّثنا القرآن الكريم بعبارة شيقة في الآية ٦٥ من سورة النساء في هذا الصدد :
(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
هذه الآية الشريفة بإمكانها أن تكون معياراً جيداً ودقيقاً لتشخيص مقدار حالة التسليم والإذعان في واقع الإنسان ، وطبقاً لهذه الآية الشريفة فإن المسلم الواقعي هو الذي يتحرك من موقع التسليم لحكم النبي حتّى وإن كان على خلاف مصلحته ورغبته فلا يكتفي فقط بعدم إظهار الانزعاج والتبرم بل ينبغي أن يشعر بالرضا والتسليم في قلبه وأعماق نفسه ، أي أنه يسلم نفسه لله تعالى في العمل والقول والعواطف القلبية وإلّا فإنه لو أحسّ بالتبرم في نفسه من أحكام الإسلام فإن ذلك يدلّ على أنه لن يحقق الإسلام الواقعي في وجوده ، لأن المسلم الواقعي يجب أن يرضى بما رضي به الله ورسوله لا بما ترضى به نفسه وأهواءه.
الإمام علي عليهالسلام يقول في حديثٍ جميل :
لَأنْسُبَنَّ الْاسْلامَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْها أَحَدٌ قَبْلي : الْاسْلامُ هُوَ التَّسْلِيمُ ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقينُ ، وَالْيقينُ هُوَ التَّصْدِيقُ ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الْإقرارُ ، والْإقرارُ هُوَ الأَداءُ ، وَالأَداءُ هُوَ الْعَمَلُ. (١)
__________________
(١) نهج البلاغة : الكلمات القصار ، الكلمة ١٢٥.