ولكننا نسأل من الفخر الرازي : هل أن هذا التفسير كان يتبادر إلى ذهن المسلمين في عصر نزول الوحي وفي أذهان الصحابة في وقت نزول الآية؟ وأساساً فإنّ مسألة «الإجماع» طرحت بعد قرون من عصر النزول فكيف يستنبط الفخر الرازي من هذه الآية «إجماع الامّة»؟
ولا شكّ أن هذا التفسير مجانب للصواب وأن أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يفهموا من كلمة «الصادقين» سوى عدّة من الأشخاص المعينين الذين يتمتعون بمقام العصمة.
وعلى هذا الأساس ، فلا شكّ في أن «الصادقين» يتمتعون بمقام العصمة من الذنوب والأخطاء ، هذا أوّلاً ...
وثانياً : أنهم موجودون في كلّ عصر وزمان ولا يختص وجودهم في زمان النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله.
ثالثاً : أن عددهم معيّن ومحدد.
فالامور الثلاثة أعلاه تستفاد من نفس هذه الآية الشريفة كما مرّ تفصيل الكلام عنه آنفاً (١) ولكنّ مصداق «الصادقين» لا يتضح ويتبين من الآية نفسها بل لا بدّ من الاستفادة من الروايات الشريفة.
تفسير آية الصادقين بضميمة الآيات الاخرى
لو جلسنا في مقابل القرآن جلسة التلميذ وأبعدنا أذهاننا عن المسبوقات الذهنية والمذهبية وتدبرنا في آيات هذا الكتاب العظيم بإخلاص ورغبة صادقة فإنّ القرآن الكريم يعرّف لنا الصادقين في آيات اخرى حيث يقول تعالى في الآية ١٥ من سورة الحجرات :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ
__________________
(١) لو تخلّى الإنسان من قيود التعصّب والمسبوقات الذهنية وتدبّر في مفهوم الآية الشريفة والآيات المشابهة لها لحصل على نتائج جيدة ، ومن هؤلاء الأشخاص الدكتور التيجاني الذي كان من علماء أهل السنّة وقد اهتدى إلى الحقّ بعد التدبّر في الآية الشريفة وأمثالها وفي جوابه لمن سأله : لما ذا اخترت مذهب التشيع؟ كتب كتاباً باسم «لأكون مع الصادقين» حيث يدور البحث فيه حول الآية الشريفة المذكورة أعلاه.