وعلى هذا الأساس تقدّم الشيطان في خداعه ووسوسته لآدم بالقول :
(هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ)(١)
إنّ الإنسان يطلب البقاء والخلود بفطرته ويفزع من الفناء والعدم ، والأشخاص الذين يعيشون الخوف من الموت فإنهم يتصورون أن الموت يعني الفناء والعدم ، ولكنّ المؤمنين وأتباع أهل البيت لا يرون الموت سوى قنطرة ينتقلون منها إلى عالم أكبر وأوسع ، ولذلك فلا يشعرون بالخوف من الموت.
وعلى أيّة حال فإنّ الشيطان وبهذه الحيلة والخدعة من أن الشجرة الممنوعة تورث البقاء والخلود في الجنّة استطاع إغفال آدم عن النهي الإلهي وجرّه إلى التناول من الشجرة ، ثمّ إنّ آدم أدرك خدعة الشيطان وندم بشدّة على ما صدر منه وأراد التوبة إلى الله والإنابة إليه ولكنه لم يكن يعرف طريق التوبة هذا ، فعلّمه الله تعالى كيفية التوبة والتوسل بأن ألقى إليه كلمات استخدمها آدم في عملية التوبة ، فكانت النتيجة أن قبل الله تعالى توبته وأعاده إلى مقامه الكريم لدى الله تعالى ، واستطاع آدم بهذه التوبة أن يوجّه ضربة قاصمة اخرى للشيطان الرجيم والعدو الرئيسي للإنسان.
ما ذا كانت الكلمات؟
أما المراد من «الكلمات» التي تلقّاها آدم من الله تعالى وتوسل بها إلى الله ليقبل توبته فهناك آراء مختلفة في تفسيرها ، ونكتفي هنا بالإشارة إلى ثلاث نظريات منها :
١ ـ إنّ المراد من الكلمات هو ما ورد في الآية ٢٣ من سورة الاعراف في قوله تعالى:
(رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)
فعند ما نطق آدم وحواء بهذه الكلمات قبل الله تعالى توبتهما (٢).
٢ ـ إنّ المراد من الكلمات كما يرى «مجاهد» هي هذا الدعاء :
__________________
(١) سورة طه : الآية ١٢٠.
(٢) نقل هذا القول العلّامة الطبرسي في مجمع البيان : ج ١ ، ص ٨٩ عن علماء ومفسّرين مثل «الحسن» و «قتادة» و «عكرمة» و «سعيد بن جبير».