وأكدت على أن النبي لا يريد أجراً في مقابل أداء الرسالة وتبليغ الدعوة.
(إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وهنا يستثني القرآن الكريم من الأجر شيئاً واحداً ، وهو أن نبي الإسلام لا يطلب من المسلمين شيئاً بعنوان أجر الرسالة إلّا «المودّة» لأقربائه وأرحامه.
والنتيجة هي أن نبي الإسلام لم يطلب شيئاً بعنوان أجر في مقابل أتعابه وزحماته للإسلام والمسلمين سوى أمراً واحداً وهو «مودّة أقربائه وأرحامه».
من هم القربى؟
إنّ جميع الأبحاث التي تدور حول هذه الآية الشريفة تتركز على كلمة «القربى» وتفسيرها ، فمن هم القربى في هذه الآية والذين طلب رسول الله من المسلمين مودّتهم ومحبّتهم بعنوان أجر الرسالة؟
بعض العلماء والمفسّرين مرّوا على هذه الآية مرور الكرام ولم يتعبوا أنفسهم في تدبّرها والتأمل فيها ، ولعلّ ذلك لأنهم لم يجدوا فيها انسجاماً مع تصوراتهم القبلية ومسبوقاتهم الفكرية ، في حين أن الآية الشريفة عميقة المغزى ، ولأجل أن ندرك عظمة هذه الآية بما فيها من معانٍ عميقة علينا أن نستوحي ونستعين لهذا الغرض من الآيات القرآنية الاخرى التي تتحدّث في هذه المسألة على لسان سائر الأنبياء عليهمالسلام.
لو أمعنّا النظر في سورة الشعراء لرأينا أن مسألة أجر الرسالة قد طرحت قبل نبي الإسلام على لسان خمسة من الأنبياء العظام وهم : نوح ، هود ، صالح ، لوط ، وشعيب عليهمالسلام ، ولكن هؤلاء الأنبياء لم يذكروا في استغنائهم عن الأجر مسألة المودّة في القربى ، حيث ذكروا جميعاً هذه المسألة بقولهم :
(وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ)(١)
وهنا يثار هذا التساؤل : كيف لم يطلب هؤلاء الأنبياء أجراً في مقابل أداء الرسالة ولكن
__________________
(١) سورة الشعراء : الآيات ١٠٩ ، ١٢٧ ، ١٤٥ ، ١٦٤ ، ١٨٠. وقد ورد هذا المضمون في آيات اخرى من القرآن الكريم على لسان الأنبياء الكرام.