قبول الناس وحبّهم واحترامهم ، فحتّى اللصوص وقطّاع الطرق يحبّون من يتمتع بهذه الفضيلة ويعتمدون عليه على مستوى الارتباط الاجتماعي وقد يضعون أموالهم المسروقة أمانة ووديعة عنده ، وعليه فإنّ العمل الصالح وكذلك الإيمان لهما جاذبية لقلوب الناس ، والثمرة المترتبة على ذلك هي النفوذ إلى قلوب الناس ، والشخص الذي يرغب في أن تكون له مكانة ومحبّة في قلوب الناس يكفي أن يكون إنساناً مؤمناً صالحاً ، فإذا أدرك الناس ذلك منه فإنّ قلوبهم ستتجه نحوه ولا حاجة إلى عمل خاص في هذا السبيل.
الطهارة والعفّة هي الاخرى أحد الأعمال الصالحة ذات القيمة الأخلاقية العالية ، وهذه الفضيلة إلى درجة من الأهمّية بحيث إنّ الأشخاص الذين يعيشون التلوّث في الخطيئة يعشقونها فعند ما يريدون الزواج وتشكيل اسرة يتوجهون إلى العوائل الشريفة ويخطبون النساء العفيفات ويجتنبون الزواج من الملوّثات ، والملفت للنظر أن الإمام علي عليهالسلام وهو مورد البحث في هذه الآية قد وصل في معراجه المعنوي وتكامله الإنساني إلى أعلى درجة من حيث الإيمان والعمل الصالح من جهة ونفوذه في قلوب الناس من جهة اخرى.
شأن نزول آية المحبّة
بالرغم من أن مفهوم الآية الشريفة مورد البحث عام وشامل لكلِّ مؤمن يعمل الأعمال الصالحة حيث ينتج هذا الإيمان والعمل الصالح المحبّة في قلوب الناس ، ولكن بلا شك أن المصداق الأكمل والأدق لهذه الآية الشريفة هو أمير المؤمنين عليهالسلام ، كما ورد التصريح بذلك في كتب أهل السنّة المختلفة رغم سعي البعض لإنكار هذه الحقيقة الواضحة.
ويقول العلّامة الحلّي في كتاب «احقاق الحقّ» (١) في شأن نزول الآية المذكورة أنها نزلت
__________________
(١) يعتبر كتاب «إحقاق الحقّ» من الكتب القيّمة والمهمّة جدّاً لدى الشيعة ، ويحتوي على أربعة أقسام ، ومؤلفه العلّامة الحلّي ، وقد كتب القاضي روزبهان من علماء أهل السنّة ردّاً على هذا الكتاب ثمّ ادرجه ضمن الكتاب ، ثمّ إن القاضي نور الله التستري كتب ردّاً على ما ذكره القاضي روزبهان وأيّد العلّامة الحلّي وتم ادراج ردّه أيضاً ضمن الكتاب ، وأخيراً قام آية الله العظمى المرعشي النجفي وبمساعدة بعض الفضلاء من أصحابه بإضافة هوامش مفيدة على هذا الكتاب وتم طبعه ونشره بصورة نهائية.