الشرح والتفسير :
التعبئة الكاملة والاستعداد التام
لأجل توضيح مضمون آية النصرة نرى من اللازم الحديث عن آيات ٦٠ ـ ٦٣ من سورة الأنفال ، وهي قوله تعالى :
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)
هذه الآية الشريفة مطلقة وتستوعب جميع الأمكنة والأزمنة والأدوار التاريخية في المجتمعات الإسلامية ، لأنها لا تتحدّث عن أسلحة معيّنة وخاصّة ينتهي مفعولها بانتهاء زمانها وتخرج من حيّز الاستعمال ، بل ورد التعبير بكلمة «قوّة» أي أن المسلمين يجب عليهم التهيؤ دائماً للأعداء والتسلّح بأنواع الأسلحة التي تثير فيهم القوّة والقدرة على التصدي لأعداء الإسلام فيجب عليهم أن يتسلحوا بالأسلحة المتطورة ويجهّزوا جيوشهم بالأنظمة العسكرية المتقدمة ، وكلمة «قوّة» تشمل مضافاً إلى الأسلحة الأشياء الاخرى التي تستخدم في الحرب ضد الأعداء من قبيل : أجهزة الإعلام التي تعتبر في العصر الحاضر سلاحاً فعّالاً يستخدم في القضاء على روحية العدو ، كما أن هذه الكلمة تشمل أيضاً الامور الاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية كذلك ، والخلاصة إنّها تطلق على كلِّ ما ينفع المسلمين في جهادهم ضد العدو ويمكّن المسلمين من إجهاض محاولاته الرامية إلى الاستيلاء على البلاد الإسلامية والقضاء على الإسلام.
(تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ)
في هذا المقطع من الآية الشريفة يتحدّث القرآن عن الهدف والغاية من تهيئة وسائل القوّة والسلاح للمسلمين ، فالهدف من هذا التهيؤ والاستعداد ليس هو قتل الناس وتخريب العالم والإغارة على المساكين والمحرومين بل الهدف هو الدفاع المشروع فيجب تعبئة جميع القوى والطاقات وتهيئة جميع أنواع الأسلحة لكيلا يتجرأ العدو على الهجوم على البلد الإسلامي بل لا يدور في ذهنه أن يهجم يوماً عليكم ، لأن الظالمين والجبّارين متى ما وجدوا فرصة للهجوم والغارة على الضعفاء والدول الفقيرة والضعيفة فإنهم لا يجدون رادعاً أمامهم من العدوان والحرب ، والقوّة العسكرية هي العامل الأساس لمنع هؤلاء من عدوانهم ،