مسئولية إجراء القانون ، إذن فمقام الرسالة هو مقام التقنين ، ومقام الإمامة واولوا الأمر هو مقام إجراء القانون ، وفي زمن حياة النبي صلىاللهعليهوآله كان النبي «رسولاً» و «ولي الأمر» ولكن بعد رحلت النبي صلىاللهعليهوآله فإنّ الشخص المعصوم المنصوب من قبل الله تعالى ورسوله هو المعني ب «اولي الأمر» ولم يكن ذلك إلّا الإمام علي عليهالسلام ومن بعده سائر الأئمّة المعصومين واحداً بعد الآخر ، لأنه لم يرد ادعاء النصب الإلهي لهذا المقام إلّا للإمام علي وذريته الطاهرين.
والنتيجة هو أن ادّعاء فعلية الإطاعة لا يضر بتطبيق كلمة «اولو الأمر» على الإمام علي عليهالسلام بعد رحلة الرسول صلىاللهعليهوآله وعلى أبنائه الطاهرين بعد رحلة الإمام علي عليهالسلام كما هو المستفاد من الأحاديث الشريفة.
ب) أما الجواب الآخر فهو أن الإمام علي عليهالسلام كان في حياة النبي صلىاللهعليهوآله أيضاً من اولي الأمر ، وعلى الأقل في فترة معيّنة من حياته الشريفة ، وذلك عند ما توجه النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله إلى غزوة تبوك وأبقى الإمام علي عليهالسلام على المدينة بعنوان خليفته. ولتوضيح المطلب أكثر لا بدّ من إلقاء بعض الضوء على واقعة تبوك :
غزوة تبوك
إن هذه الغزوة هي آخر غزوة من غزوات النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله طيلة فترة رسالته حيث وقعت أحداثها في السنة الأخيرة من سنوات عمره الشريف ، ومكانها يقع في أعلى نقطة من منطقة الحجاز وفي الحدود المشتركة بين الجزيرة العربية والروم الشرقية.
عند ما اتسعت رقعة الإسلام واستحكمت دعائمه في المدينة وانتشر خبره في أرجاء المعمورة أحست الدول المجاورة لدولة الإسلام ومنها الروم الشرقية «سورية وفلسطين» بالخطر من هذه الدعوة الجديدة وفكروا في الهجوم على المسلمين لصد هذا الخطر الذي يهدد عروشهم وتيجانهم (١) ولذلك أقدم الروم على تشكيل جيش مقداره أربعين ألف
__________________
(١) لم تكن بلاد الحجاز مطمعاً للدول الكبيرة في ذلك الزمان ، لأنها لم تكن تشكل خطراً مهماً من جهة سكّانها ولا يوجد فيها موارد اقتصادية مهمة ولا حضارة متفوقة ، بل كان أهل الحجاز نصف متوحشين حيث يعيشون