والنزاع وكأن الغرض هو تأسيس جهاز قضائي مستقل للمسلمين ويقول :
(فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فلا ينبغي التوجّه في حلّ الاختلافات التي تحدث بين المسلمين إلى الأجانب ومرجعيات غير إسلامية.
وبالالتفات إلى قيد الإيمان بالله واليوم الآخر (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يتضح جيّداً أن المسلمين الذين يتوجّهون في اختلافاتهم إلى غير المنابع والمحاكم الإسلامية فإنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر.
والملاحظة الاخرى الملفتة للنظر هي أن الآية الشريفة أوردت في صدرها وجوب إطاعة اولي الأمر من جملة الأولياء الثلاثة ولكنها عند ذكرها لمرجع الاختلاف في المقطع الثاني لم تذكر اولي الأمر ، وهذا المطلب هو الذي أثار علامات استفهام مهمة في تفسير الآية الشريفة أعلاه وسوف يأتي تفصيل ذلك في المباحث القادمة.
(ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) هذه الجملة في الحقيقة هي تعليل للجملتين السابقتين ، فلما ذا يجب على المؤمنين إطاعة الله ورسوله واولي الأمر؟
ولما ذا يحرم على المسلمين اختيار مرجعية اخرى في حلّ اختلافاتهم غير الله ورسوله؟
لأنّ الآية توضح ذلك وتقول إن هذا الحكم هو خير للمؤمنين وهو أفضل عاقبة لهم.
حدود إطاعة اولي الأمر
النقطة المبهمة في الجملة المذكورة أعلاه تكمن في المراد من اولي الأمر وعندها يتّضح تفسير الآية بصورة جيّدة ، ولذلك نجد أن المفسّرين قد اهتموا ببيان مصداق اولي الأمر وطرحوا لذلك سبع نظريات.
سؤال : قبل الدخول في تفاصيل نظريات المفسّرين حول معنى اولي الأمر لا بدّ من توضيح حقيقة مهمة لها دورٌ في فهم معنى اولي الأمر ، وهي : هل أن إطاعة اولي الأمر مقيّدة ومشروطة ، أو أنها مطلقة كما في إطاعة الله ورسوله؟ وبعبارة اخرى هل أنّ إطاعة اولي الأمر مقيّدة بقيود زمانية ومكانية وغير ذلك ، أو أنها واجبة على الإنسان في كلّ زمان ومكان وفي مختلف الظروف؟