الجواب : الظاهر أن الآية الشريفة أطلقت وجوب إطاعة اولي الأمر ولم تقيّدها بقيد وشرط معيّن ، وببيان آخر أن إطاعة اولي الأمر في الآية الشريفة لم يقيد بعدم الاشتباه والخطأ الحاصل لدى اولي الأمر ، وببيان ثالث كما أن إطاعة الله ورسوله واجبة مطلقاً فكذلك إطاعة اولي الأمر أيضاً قد وردت في الآية بصورة مطلقة ، وعليه فلا بدّ أن يكون اولو الأمر من المعصومين لأن إطلاق وجوب الإطاعة لا يصحّ إلّا إذا كان المطاع معصوماً ، لأنه لا يصحّ فرض طاعة الشخص الذي يرتكب الخطأ والاشتباه في أحكامه ، ولذلك نحن نعتقد بأن القاضي إذا أخطأ في إصدار حكمه وعلم أحد طرفي الدعوة بخطإ القاضي في صدور الحكم له على صاحبه ، فلا يمكنه بمجرد إصدار القاضي لحكمه أن يتملك ما حكم له أو يلقي بالذنب على صاحبه.
وحتّى مراجع التقليد الذين يجب على المكلّفين تقليدهم لو أنهم أخطئوا في مسألة من المسائل فإنه لا يجب اتباعهم وطاعتهم في هذه المسألة كما في رؤية الهلال إذا لم يثبت لمرجع التقليد رؤية الهلال في الليلة الثلاثين من شهر رمضان المبارك وحكم بصوم اليوم الثلاثين ولكنّ بعض المقلِّدين يرى بعينه هلال شوّال في الليلة الثلاثين ، فهنا لا يمكنه التمسّك بفتوى مرجعه واتباعه في صوم اليوم الثلاثين بل يجب عليه أن يفطر في ذلك اليوم لأنه يعلم بخطإ المرجع في هذه الفتوى.
وعلى هذا الأساس فإنّ الإطاعة المطلقة لا تصحّ إلّا من المعصومين ، وبما أن الآية الشريفة ذكرت إطاعة اولي الأمر بصورة مطلقة فلذلك نعلم بأن اولي الأمر يجب أن يكونوا من المعصومين.
اختلاف النظريات حول معنى اولو الأمر
أما بالنسبة إلى تفسير ومعنى كلمة اولي الأمر ، فكما تقدّم هناك نظريات مختلفة في هذا المجال ونشير إلى بعضها :
الأوّل ـ المراد من اولي الأمر قادة الامّة : فإن كلُّ من استلم زمام الحكم في المجتمع الإسلامي يطلق عليه «اولي الأمر» ويجب إطاعته بصورة مطلقة حتّى لو أنه تسلّم هذا