المقام بالقوّة والقهر ومن دون رضى الناس وحتّى لو كان من أفسق الناس فتجب إطاعته ، وعليه فإن إطاعة الحكام حتّى لو كانوا من أمثال المغول والتتر فيما لو تسلطوا على المجتمع الإسلامي تكون واجبة.
وقد ذهب إلى هذه النظرية جمع من علماء أهل السنّة.
ولكن هل يصحّ الالتزام بهذه النظرية عقلاً؟
أليس مراد الله ورسوله إقامة العدل والقسط في المجتمع الإسلامي (١)؟ إذن فكيف يمكن للظالم والحاكم بالجور أن يصبح خليفة لرسول الله ويقلع اسس العدالة من المجتمع الإسلامي ويقيم حكمه على الظلم والجور؟
إنّ هذا التفسير لمعنى اولي الأمر لا ينسجم مع أيّ برنامج إصلاحي في الإسلام فهل أن القائلين بهذا الكلام يرون أنه لو تسلط الحاكم الظالم بقوّة السيف على المجتمع الإسلامي وسحق جميع القيم الإسلامية تحت قدمه وأشاع الفحشاء والمنكر وقضى على المعروف والقيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية واستهان بالواجبات الإلهية ، فمع ذلك يجب على المسلمين أن يعترفوا بأنه من اولي الأمر وأنه خليفة رسول الله وعليهم أن يطيعوا هذا الإنسان الظالم والمنحرف؟
مع الأسف إنّ هؤلاء يرون وجوب إطاعة مثل هذا الشخص الفاسد والظالم كما هو الحال في معاوية وابنه يزيد حيث يرون أنهم من اولي الأمر.
ليت أن هؤلاء العلماء لم يذكروا مثل هذا التفسير للآية الشريفة.
الثاني ـ وذهب بعض المفسّرين إلى عصمة اولي الأمر ورفضوا النظرية السابقة وبما أن الناس بصورة عامة غير معصومين فلذلك يكون المراد باولي الأمر مجموع الامّة الإسلامية ، وبديهي أن الامّة الإسلامية معصومة من الخطأ فلا يمكن أن يقع جميع المسلمين في وادي الضلالة والخطأ رغم أن كلُّ فرد غير معصوم ، وعلى هذا الأساس فكما أن إطاعة الله ورسوله واجبة فكذلك يجب اتباع الامّة الإسلامية أيضاً.
__________________
(١) ورد هذا المعنى في الآية ٢٥ من سورة الحديد.