والحقيقة أن هؤلاء المخالفين وقعوا في تناقضٍ بيّن ، فإنهم من جهة يذكرون أن الإمام علي قد دفع خاتماً ثميناً جداً إلى الفقير بحيث يدخل في دائرة الإسراف والتبذير ، ومن جهة اخرى يشكّون في أصل هذا العمل بسبب عدم التمكّن المالي للإمام علي عليهالسلام.
والنتيجة هي أنه على رغم الإشكالات والشبهات الكثيرة التي احتفت بدلالة آية الولاية والتي ذكرنا أهمها آنفاً وأجبنا عنها فإن دلالة الآية الشريفة على الولاية لا تخفى على أحد حيث تقرر الآية الشريفة الولاية والقيادة والإمامة لثلاث أولياء : ١ ـ الله تعالى ٢ ـ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ٣ ـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
ملاحظة مهمة جداً!
إذا كان من المقرر أن تطرح مثل هذه الشبهات والإشكالات التي مرت آنفاً حول كلّ آية من آيات القرآن الكريم فإنّ أوضح الآيات وأحكمها كآيات التوحيد لا تتخلص من الإشكال ، فلا يبق شيء يصلح للاستدلال ، في حين أننا نرى أن مثل هذه الإشكالات والشبهات لا تطرح حول سائر الآيات القرآنية ، والظاهر أن هذا الاسلوب من طرح الشبهات يختص بالآيات المتعلقة بفضائل أهل البيت عليهمالسلام وولايتهم فقط.
وإذا أردنا استكشاف السبب في مثل هذه المواجهة المتباينة مع الآيات القرآنية فلا بدّ من القول أن مثل هؤلاء الأشخاص لم يذعنوا للقرآن الكريم ولم يتعاملوا معه بأدبٍ ونزاهة كما هو المتوقع ، والمفروض على المسلم أن يجلس أمام القرآن كالتلميذ أمام استاذه بل يريد هؤلاء أن يكونوا أساتذة للقرآن ويستخرجوا منه ما يؤيد مسبوقاتهم الفكرية ، وهذا هو التفسير بالرأي الذي ورد النهي عنه بشدّة في الروايات الإسلامية (١).
أيها القارئ الكريم! إذا أردنا أن نستفيد من القرآن والوحي أو روايات المعصومين عليهمالسلام استفادة صحيحة ونتوصل من خلالها إلى كشف الحقيقة فيجب علينا أن نتتلمذ على يد
__________________
(١) انظر تفاصيل هذا الموضوع في كتاب (التفسير بالرأي) لمؤلفه آية الله العظمى مكارم الشيرازي «مدّ ظلّه».