هل تعدّ هذه المهمة فضيلة؟
سؤال : طبقاً لما تقدّم آنفاً إنّ الإمام علي عليهالسلام أصبح مأموراً من قبل النبي صلىاللهعليهوآله بإبلاغ الآيات الاولى من سورة التوبة إلى المشركين في أيّام الحجّ ، وقد كانت هذه المأمورية بعهدة أبي بكر في البداية إلّا أن رسول الله أخذها منه ودفعها إلى علي ابن أبي طالب عليهالسلام فهل يعدُّ ذلك فضيلة للإمام علي عليهالسلام؟
الجواب : إنّ بعض المتعصبين تحركوا على مستوى تهميش هذه الفضيلة والتقليل من أهميّتها فقالوا : إنّ علّة تبديل هذه المأمورية هو ما كان من التقاليد الرسمية والأعراف بين العرب ، لأن العرب كانوا عند ما يريدون إرسال رسالة إلى شخص معين يقوم صاحب الرسالة نفسه أو يختار واحداً من أهل بيته وأرحامه لأداء هذه الرسالة وايصالها إلى الطرف الآخر ، ولهذا عزل النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أبا بكر وأرسل علي عليهالسلام مكانه ، وعليه فإنّ هذه المأمورية المذكورة لا تعدُّ فضيلة للإمام علي عليهالسلام (١).
ولكنّ الإنصاف أن هذا الكلام بعيد جدّاً عن الحقيقة لأنه :
أوّلاً : من أين ثبت أن التقاليد العربية كانت كذلك؟ وأيُّ كتاب ذكر هذه القضية؟ وهل يمكن إلغاء فضيلة مهمة لمجرد احتمال غير ثابت؟
ثانياً : على فرض وجود مثل هذا العرف بين العرب في ذلك الوقت فإنّ تغيير المؤدي لهذه الرسالة المهمة لا يرتبط بتقاليد العرب وأعرافهم لأن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كما ورد في الروايات المذكورة آنفاً قد تلقى الأمر بذلك من الله تعالى.
وعلى هذا الأساس فلا شكّ في أن هذه المهمة والمأمورية تعدّ فضيلة كبيرة للإمام علي عليهالسلام ، ومع الالتفات إلى هذا المطلب فلو أن الله تعالى أراد أن ينصب خليفة على المسلمين بعد رسول الله فلا بدّ أن يكون هذا الإنسان هو الأفضل وله فضائل أكثر ، وإذا أراد الناس انتخاب شخص لهذا الغرض فلا بدّ أن يكون هو الأفضل بمقتضى العقل.
__________________
(١) الكشّاف : ج ٢ ، ص ٢٤٤.