يكون مضافاً إلى اجتنابه الذنوب الكبيرة والصغيرة فإنّه يجتنب المكروهات أيضاً ، وهكذا يتدرج الإنسان المؤمن في مراتب التقوى إلى أن يبلغ الذروة وهي مرتبة العصمة المطلقة من الذنوب والخطأ والاشتباه ، وعليه فإنّ العصمة لا تعني الجبر كما يتوهم البعض بل هي أعلى مرتبة من مراتب التقوى.
ب) إنّ اولي الأمر المعصومين كما تقدّم آنفاً لا يمكن أن يكونوا جميع الامّة الإسلامية أو العلماء والمفكرين من وكلاء ونوّاب الامّة أو أكثريتهم بل يجب أن يكون المعصوم شخصاً خاصاً وفرداً معيناً منهم.
ج) بما أن العصمة مرتبة معنوية عالية ودرجة كاملة من التقوى فإنّه لا يمكن للناس تشخيص المصداق لهذا المعيار ، ولذلك فإنّ اولي الأمر يجب أن يعيّنوا من قبل الله تعالى أو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وهكذا يقوم كلّ معصوم بتعيين المعصوم الذي يليه للناس.
والنتيجة هي أوّلاً : يجب أن يكون اولو الأمر معصومين.
ثانياً : يجب أن يكون المعصوم فرداً خاصاً ومعيّناً.
ثالثاً : إنّ تعيين المعصوم من اولي الأمر يجب أن يكون من قبل الله تعالى.
وهنا يجب التوجه إلى القسم الثاني من هذا البحث ، أي الروايات الواردة في شأن نزول الآية الشريفة لنرى هل أن هذه الروايات عيّنت مصداق اولو الأمر للمسلمين؟ وهل أن الله تعالى أو نبيّه الكريم قد نصب هذا القائد المعصوم للناس؟
تفسير الآية في ظلال الروايات
هناك روايات متعددة في دائرة تعيين المعصوم المراد من الآية (أَطِيعُوا اللهَ ...) وأهمها «حديث الثقلين».
وطبقاً لما ورد في هذا الحديث فإنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله صرّح للمسلمين في أواخر عمره الشريف وقال :
«إنّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثِّقْلَيْنِ ما إنّ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي ... كِتابَ اللهِ ... وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي». (١)
__________________
(١) ميزان الحكمة : الباب ١٦١ ، حديث ٩١٧.