في هذه الأثناء عم الناس النشاط والحركة ، وأخذوا يهنئون عليّاً عليهالسلام بهذا المقام ، وكان من الذين هنئوه ، أبو بكر وعمر حيث نطقا بهذه العبارة أمام أعين الحاضرين :
بَخٍّ بَخٍّ لَكَ يَا بْنَ أَبي طالِبٍ أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلايَ وَمَوْلا كُلِّ مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَةٍ.
أثناء ذلك قال ابن عبّاس : «والله إنه عهد سيبقى في أعناقهم» ، واستاذن النبي صلىاللهعليهوآله الشاعر المعروف «حسان بن ثابت» لينشد شعراً بهذه المناسبة ، ثمّ استهل قصيدته المعروفة :
يُنادِيْهِمْ يَوْمَ الْغَديرِ نَبيُّهُمْ |
|
بِخُمٍّ وَاسْمِعْ بِالرَّسُولِ مُنادِيا |
فَقالَ فَمَنْ مَوْلاكُمْ وَنَبيِّكُمْ؟ |
|
فَقالُوا وَلَمْ يَبْدُوا هُناكَ التَّعامِيا |
الهُكَ مَوْلانا وَانْتَ نَبِيُّنا |
|
وَلَمْ تَلْقِ مِنّا فِي الْوَلايَةِ عاصِيا |
فَقالَ لَهُ قُمْ يا عَليّ فَإِنَّني |
|
رَضيتُكَ مِنْ بَعْدي اماماً وَهادِيا |
فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا وَلِيُّهُ |
|
فَكُونُوا لَهُ اتْباعَ صِدْقٍ مُوالِيا |
هُناكَ دَعا اللهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ |
|
وَكُنْ لِلَّذي عادا عَلِيّاً مُعادِيا(١) |
توضيحات
١ ـ معنى الولاية والمولى في حديث الغدير
لقد اطّلعنا بشكل إجمالي على حديث الغدير المتواتر ، والعبارة المشهورة التي جاءت عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في جميع الكتب وهي : «مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِىٌّ مَوْلاهُ» توضح الكثير من الحقائق وإن أصرّ كثيرٌ من كتّاب أهل السنّة على تفسير كلمة «المولى» هنا بمعنى «الصديق والمحبّ والناصر» ، لأنّ هذا أحد المعاني المعروفة ل «المولى».
ونحن نسلّم بأنّ إحدى معاني «المولى» الصديق والمحب والناصر ، إلّا أنّ ثمة قرائن عديدة تثبّت أنّ المولى في الحديث أعلاه تعني «الولي والمشرف والقائد» وهي كما يلي بإيجاز :
__________________
(١) روى هذا الشعر جماعة من كبار علماء السنّة منهم : الحافظ «أبو نعيم الاصفهاني» ، والحافظ «أبو سعيد السجستاني» ، و «الخوارزمي المالكي» ، والحافظ «أبو عبد الله المرزباني» ، و «الكنجي الشافعي» ، و «جلال الدين السيوطي» ، و «سبط بن الجوزي» ، و «صدر الدين الحموي».