فلدينا العديد من سور القرآن الكريم التي تدعى بالمكية وكتبت في جميع المصاحف على أنها مكية ، بيد أن عدداً من آياتها نزلت في المدينة ، وكذا العكس ، فعلى سبيل المثال : إن سورة العنكبوت من السور المكية ، والحال أن آياتها العشر الاولى نزلت في المدينة ، على ضوء قول الطبري في تفسيره المعروف ، والقرطبي في تفسيره وآخرين من العلماء (١).
أو سورة الكهف المعروفة بأنها مكية بينما نزلت آياتها السبع الاولى في المدينة استناداً لتفسير «القرطبي» ، و «الاتقان» للسيوطي ، وتفاسير عديدة (٢).
وهكذا فهنالك سورٌ عُدت بأنها مدنية بينما نزلت آيات منها في مكة ، مثل سورة «المجادلة» فهي مدنية كما هو معروف ، إلّا أن الآيات العشر الاولى منها نزلت في مكّة ، طبقاً لتصريح بعض المفسّرين (٣).
وموجز الكلام أنه توجد حالات كثيرة بأن تذكر سورة على أنها مكية أو مدنية ، ويكتب عليها في التفاسير والمصاحف هذا الاسم إلّا أن جانباً من آياتها قد نزل في موضع آخر.
وعليه فلا مانع أبداً من أن تكون سورة المعارج هكذا أيضاً.
الإشكال الثاني : جاء في الحديث أن الحارث بن النعمان جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله في الأبطح ، ومعلوم أن الأبطح اسم لوادي في مكّة ، وهذا لا يتلائم مع نزول الآية بعد واقعة الغدير بين مكّة والمدينة.
الجواب : أوّلاً إن عبارة الأبطح وردت في بعض الروايات فقط لا في جميعها.
وثانياً : إن «الأبطح والبطحاء» تعني الأرض الرملية التي يجري فيها السيل ، وهنالك مناطق في المدينة وغيرها يطلق عليها اسم الأبطح أو البطحاء أيضاً ، واللطيف انه قد اشير إليها مراراً في الشعر العربي.
__________________
(١) تفسير الطبري : ج ٢٠ ، ص ٨٦ ، القرطبي : ج ١٣ ، ص ٣٢٣.
(٢) للمزيد من الاطلاع على الموضوع : راجعوا الجزء الأوّل من كتاب الغدير : ص ٣٥٦ و ٢٥٧.
(٣) تفسير أبي السعود الذي كتب على هامش تفسير الرازي : ج ٨ ، ص ١٤٨ ، والسراج المنير : ج ٤ ، ص ٣١٠.