خاصّ ومعين وهو «يوم عرفة» الثامن من شهر ذي القعدة ، في حجّة الوداع في السنة العاشرة للهجرة.
ولكن هذه النظرية بدورها لا تتضمن إقناعاً كافياً لأنّ يوم عرفة في السنة العاشرة للهجرة لا يختلف عن أيّام عرفة الاخرى في السنة التاسعة والثامنة للهجرة ، ولو لم تحدث في هذا اليوم حادثة خاصة فكيف ذكرته الآية الشريفة بلغة التعظيم والتبجيل؟
والخلاصة هي أنّ هذه النظرية غير مقبولة وغير منطقية وبالتالي فإنّ كلا النظريتين للفخر الرازي لا تعيننا في استجلاء مضمون الآية الشريفة واكتشاف السر المستودع فيها.
النظرية الثالثة : وهي التي ذكرها الطبرسي الذي يعد من أساطين المفسّرين لدى الشيعة ، فإنّه بعد أن نقل القولين السابقين للفخر الرازي وردّهما ذكر تفسير أهل البيت في مورد هذه الآية الشريفة الذي هو تفسير جميع مفسّري الشيعة وعلمائهم.
يرى أصحاب هذه النظرية أن المراد ب «اليوم» في هذه الآية الكريمة الذي تحقق فيه يأس الكفّار واستوجب رضى الله تعالى وكمل فيه الدين وتمت فيه النعمة هو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجّة من السنة العاشرة للهجرة أي يوم عيد الغدير ، وهو اليوم الذي نصّب فيه رسول الله الإمام عليّ خليفة له على المسلمين وأعلن فيه خلافته وولايته بصورة رسمية.
سؤال : هل هذه النظرية تتطابق مع مضمون الآية الشريفة؟
الجواب : إذا نظرنا بعين الإنصاف إلى هذه الآية الشريفة وابتعدنا عن المسبوقات الفكرية والرواسب التراثية لرأينا الآية الشريفة تنطبق تماماً على واقعة الغدير لأنها :
أوّلاً : لأنّ أعداء الإسلام بعد أن فشلوا في جميع مؤامراتهم وانهزموا في حروبهم ضد الإسلام والمسلمين وفشلت خططهم في بثّ التفرقة والاختلاف في صفوف المسلمين فإنّهم لم يبق لهم سوى شيء واحد يحيي أملهم في الانتصار والتغلب على هذا الدين الجديد ، وهو أن النبي الأكرم بعد رحيله من هذه الدنيا وخاصّة مع أخذ بالنظر الاعتبار أنّه لم يكن له ولد يخلفه في أمر الدعوة واستمرارية الرسالة ولم يعيّن لحد الآن خليفة له من بعده فيمكنهم والحال هذه أن يسددوا ضربة قاصمة للإسلام والدعوة السماوية بعد رحيل الرسول صلىاللهعليهوآله ،