وبينما كان الإمام علي عليهالسلام جالساً على صدر عمرو بن عبد ود لحزّ رأسه ، بصق عمرو في وجه الإمام علي عليهالسلام وشتمه (١) فما كان من الإمام علي عليهالسلام إلّا أن نهض وأخذ يتمشّى في ميدان المعركة ، وكان المسلمون ينظرون إلى مجريات الحادثة بدقة وتعجب ، وبعد دقائق عاد بطل حرب الأحزاب إلى مكانه وقطع رأس عدو الله.
وبعد هذه الحادثة سُئل الإمام علي عليهالسلام عن سبب قيامه وانتظاره لحظات قبل أن يقدم على قتل عمرو فقال :
قَدْ كانَ شَتَمَ امِّي وَتَفَلَ في وَجْهي فَخَشِيتُ أَنْ أَضْرِبَهُ لِحَظِّ نَفسي فَتَرَكْتُهُ حَتَّى سَكَنَ ما بي ثُمَّ قَتَلْتُهُ فِي اللهِ. (٢)
وفي هذا يقول الشاعر الشيخ الازري رحمهالله وهو يحكي هذه الواقعة المهمّة :
ظهرت منه في الورى سطوات |
|
ما أتى القوم كلّهم ما أتاها |
يوم غصّت بجيش عمرو بن ودّ |
|
لهوات الفلا وضاق فضاها |
فدعاهم وهم الوف ولكن |
|
ينظرون الذي يشبّ لظاها |
فابتدى المصطفى يحدث عما |
|
يوجر الصابرون في اخراها |
فالتووا عن جوابه كسوامٍ |
|
لا تراها مجيبة من دعاها |
فإذا هم بفارس قرشي |
|
ترجف الأرض خيفة أن يطأها |
قائلاً ما لها سواي كفيل |
|
هذه ذمة عليّ وفاها |
فانتضى مشرفيه فتلقى |
|
ساق عمرو بضربة فبراها |
يا لها من ضربة حوت مكرمات |
|
لم يزن ثقل أجرها ثقلاها |
هذه من علاه احدى المعالي |
|
وعلى هذه فقس ما سواها |
وعلى هذا الأساس فإنّ علائم الإيمان الراسخ مشهودة في حياة الإمام علي عليهالسلام كلّها ، وحينئذٍ نفهم جيّداً بالاستفادة من القرائن وبمعونة الآيات القرآنية الاخرى أن المراد من «الصادقين» هو عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ، ص ٢٦.
(٢) بحار الأنوار : ج ٤١ ، ص ٥١ (نقلاً من مظهر الولاية : ص ٣٦٥).