ولأجل هذه الحكمة هم يكفرون من قال بالغرض مع أنّ معنى اللام للغرض لا غير.
ويقولون : إنّه وإن كان لا يجب على الله تعالى رعاية المصالح ، إلّا أنّه تعالى لا يفعل إلّا ما يكون مصلحة لعباده تفضّلا منه وإحسانا لا وجوبا.
وأمّا المقدّمة الثانية : وهي اشتمال الفعل على هذه المصلحة فظاهر ، لأنّا إنّما نحكم بعلّيّة الوصف إذا عرفنا كونه كذلك.
وأمّا الثالثة : وهي أنّ الداعي له تعالى إلى شرع ذلك الحكم هو هذه المصلحة فلوجهين :
أ. المصلحة المقتضية لشرع الحكم ليس غير هذه المصلحة ، لأنّ ذلك الغير لم يكن مقتضيا لهذا الحكم في الأزل ، وإلّا لكان الحكم ثابتا في الأزل ، وذلك يفيد ظن استمرار هذا السّلب على ما يأتي في الاستصحاب.
ب. العلم بكون الحاكم حكيما مع العلم باشتمال الحكم على هذه الجهة من الحكمة يفيد في الشاهد تعليل مشروعية ذلك الحكم بتلك الحكمة. فانّا لو اعتقدنا في ملك البلد أنّه لا يفعل إلّا لحكمة ، ثمّ دفع إلى فقير مالا ، ومعلوم أنّ فقره يناسب الدفع إليه ولم تخطر صفة أخرى تناسب الدفع ، ظنّنا أنّ علّة الدفع الفقر ، وإن كنّا نجوز غيره ، لكنّه مرجوح فلا يقدح في الظن.