الأوّل : القياس أصل من أصول التشريع ومصدر لاستنباط الأحكام الشرعية يجوز التعبّد به عقلا وشرعا. وهو رأي جمهور أهل السنّة سلفا وخلفا.
الثاني : جواز التعبّد به عقلا ، ولكنّه ممنوع في الشريعة. وهو مذهب الإمامية.
قال المرتضى : والّذي نذهب إليه أنّ القياس محظور في الشريعة استعماله ، لأنّ العبادة لم ترد به ، وإن كان العقل مجوّزا ورود العبادة باستعماله. (١)
وعلى هذا درج الإمامية عبر العصور ، ونكتفي هنا بما قاله الشيخ الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه) في هذا المجال ، وتبعه فيه السيد ابن زهرة الحلبي (٥١١ ـ ٥٨٥ ه) ، إذ صرّحا بجواز التعبّد به عقلا ، وإليك النصّ : ويجوز من جهة العقل التعبّد بالقياس في الشرعيات ، لأنّه يمكن أن يكون طريقا إلى معرفة الأحكام الشرعية ودليلا عليها ، ألا ترى أنّه لا فرق في العلم بتحريم النبيذ المسكر مثلا بين أن ينصّ الشارع على تحريم جميع المسكر ، وبين أن ينصّ على تحريم الخمر بعينها ، وينص على أنّ العلّة في هذا التحريم الشدّة.
ولا فرق بين أن ينص على العلّة ، وبين أن يدلّ بغير النص على أنّ تحريم الخمر لشدّتها ، أو ينصب لنا أمارة تغلب في الظن عندها انّ تحريم
__________________
(١) الذريعة في أصول الشريعة : ٢ / ٦٧٥.