الخمر لهذه العلّة مع إيجابه القياس علينا في هذه الوجوه كلّها ، لأنّ كلّ طريق منها ، يوصل إلى العلم بتحريم النبيذ المسكر ، ومن منع من جواز ورود العبادة بأحدها كمن صنع من جواز ورودها بالباقي. (١)
هذان المذهبان هما المهمان ، وهناك مذاهب أخرى أشار إليها الشيخ الطوسي في «العدّة» فمن أراد التفصيل فليرجع إليها. (٢)
وخلاصة الكلام : أنّ القياس دليل ظنّي كسائر الظنون : مثل خبر الواحد ، والإجماع المنقول به ، فكما يجوز ـ عند العقل ـ أن يأمر الشارع بالعمل بهما ، كذلك القياس ، والمحاذير المتوهمة في العمل بالقياس ، أعني : المحاذير الملاكية.
والمحاذير المبادئية.
والمحاذير الخطابية. (٣)
مشتركة بين عامّة الأدلّة الطبيعية ، وقد فرغنا من حلّها في أبحاثنا العليا
__________________
(١) غنية النزوع : ٣٨٦ ، قسم الأصول ، الطبعة الحديثة. قوله : «يوصل إلى العلم» أي إذا كان الدليل الدالّ على هذه التسوية دليلا قطعيّا.
(٢) عدة الأصول : ٢ / ٦٥٠ ـ ٦٩٢ ؛ ولاحظ الذريعة : ٢ / ٦٧٥ ـ ٦٨٠.
(٣) إذا كان الحكم الواقعي هو وجوب شيء ، ودلّ خبر الواحد أو القياس ـ على القول بحجّيته ـ على حرمته فتتوهم عندئذ محاذير ثلاثة :
أ. المحذور الملاكي : اجتماع المصلحة باعتبار كون الحكم الواقعي هو الوجوب ، والمفسدة باعتبار كون الحكم المستفاد منهما هو الحرمة.
ب. المحذور المبادئيّ : اجتماع الإرادة أو الحب في نفس المشرّع باعتبار كونه واجبا ، والكراهة والبغض باعتبار كونه حراما.
ج. المحذور الخطابي : اجتماع الوجوب والحرمة وهو بمنزلة اجتماع الضدين في شيء واحد.