لأحد المناطين على الآخر ، وذلك لا يخرجه عن المناسب وإن افتقر إلى نوع ترجيح.
وفسّره آخرون بما عرف فيه المناط قطعا غير أنّه مفتقر في آحاد الصور إلى تحقيقه. كما في طلب المثل في جزاء الصيد بعد أن عرف أنّ المثل واجب بقوله تعالى : (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)(١) ، وليس هذا أيضا شبهي ، فإنّ الكلام مفروض في العلّة الشبهية ، والنظر هنا إنّما هو في تحقيق الحكم وهو الأشبه ، لا في تحقيق المناط وهو معلوم بدلالة النصّ.
ودليل أنّ الواجب هو الأشبه أنّه أوجب المثل ، ومعلوم أنّ الصيد لا يماثله شيء من النعم ، فكان ذلك محمولا على الأشبه ، كيف وهو مقطوع به ، والشبه مختلف فيه ، وكيف يكون المتفق عليه هو المختلف فيه.
ومنهم من فسّره بما اجتمع فيه مناطان مختلفان ، لا على سبيل الكمال إلّا أن أحدهما أغلب من الآخر ، فالحكم بالأغلب حكم بالأشبه ، كاللعان الموجود فيه لفظ الشهادة واليمين ، وليسا بمتمحضين ، لأنّ الملاعن مدّع فلا تقبل شهادته لنفسه ولا يمينه. وهذا وإن كان أقرب ممّا تقدّم إلّا أنّه متى غلبت إحدى الشائبتين ظهرت المصلحة الملازمة لها في نظرنا ، فيجب الحكم بها ولكنّه خارج (٢) عن التعليل بالمناسب. (٣)
__________________
(١) المائدة : ٩٥.
(٢) في الإحكام : ٣ / ٣٢٦ : غير خارج.
(٣) راجع الإحكام : ٣ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.