وقال القاضي أبو بكر (١) : الوصف إن كان مناسبا للحكم بذاته سمّي المناسب ؛ وإن لم يكن مناسبا بذاته فإن كان مستلزما لما يناسبه بذاته فهو الشبه ، كتعليل التحريم بالرائحة الفاتحة المستلزمة للشدّة المطربة ؛ وإن لم يكن مناسبا بذاته ولا مستلزما للمناسب بذاته فهو الطرد ، فجعل الشبه قياس الدلالة وهو الجمع بين الأصل والفرع بما لا يناسب الحكم ولكن بما يستلزم ما يناسب.
وقال قوم : الوصف الذي لا يناسب الحكم إمّا أن يكون قد عرف بالنصّ تأثير جنسه القريب في الجنس القريب لذلك الحكم ، وإمّا أن لا يكون كذلك.
والأوّل الشبه ، لأنّه من حيث إنّه غير مناسب يظنّ عدم اعتباره في حقّ ذلك الحكم ، ومن حيث علم تأثير جنسه القريب في الجنس القريب لذلك الحكم مع أنّ سائر الأوصاف ليس كذلك يكون ظنّ استناد الحكم إليه أقوى من ظنّ استناده إلى غيره.
والشافعي يسمّي هذا القياس قياس غلبة الأشباه. وهو تردّد الفرع بين أصلين ، فإذا كانت مشابهته لأحدهما أقوى ألحق به ، فأمّا الذي يقع فيه الاشتباه فالمحكيّ عن الشافعي أنّه كان يعتبر الشبه في الحكم كمشابهة العبد المقتول للحر ولسائر المملوكات.
__________________
(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٣٤٤.