ثبوت الحكم في الفرع على كون الوصف علّة ، وبيّنتم علّيّته بكونه مطّردا ، لزم الدور.
وأمّا التفسير الثاني فإنّه أولى بعدم الدلالة مع أنّ تجويزه يفتح باب الهذيان كما يقال في إزالة النجاسة بالخل مانع لا تبنى القنطرة على جنسه ، فلا تجوز إزالة النجاسة به ، كالدهن. وكقول بعضهم في مسألة اللمس : طويل مشقوق ، فلا ينقض الوضوء بمسه كالبوق.
وأيضا تعيين الوصف للعلّيّة من دون باقي الأوصاف بحكم محض وشبه في الدين ، وهو باطل ، لقوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ)(١).
احتجّ القائلون (٢) بالعلّيّة على التفسير الأوّل بأنّ عادة الشرع إجراء النادر في كلّ باب بالغالب ، فإذا رأينا الوصف في جميع الصور المغايرة لمحلّ النزاع مقارنا للحكم ثمّ رأينا الوصف حاصلا في الفرع وجب أن يستدلّ به على ثبوت الحكم. وبأنّا نحكم بجلوس القاضي في الدار التي يشاهد فرسه على بابها لإفادة اقترانهما في بيان سائر الصور اقترانهما هنا.
وفيه نظر ، للمنع من إجراء النادر مجرى الغالب في مثل التلازم ، بل مطلقا فإنّ أكثر العمومات مخصوصة والاستدلال بفرس القاضي استدلال بالعلّة الموصلة للقاضي على المعلول وهو وصوله.
__________________
(١) مريم : ٥٩.
(٢) راجع المحصول : ٢ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.