قالوا : (١) لا دور ، لأنّا لا نستدلّ بالمصاحبة في كلّ الصور على العلّيّة ، بل فيما عدا الفرع.
وفيه نظر ، لأنّ المصاحبة لو دلّت على العلّيّة لدلّت في صور المصاحبة ، والشرع لم يثبت المصاحبة فيه.
واعتذروا (٢) عن انفكاك العلّيّة عن الاطّراد في بعض الصور بعدم قدحه في التعليل ، كالغيم الرطب الدالّ على العلّيّة ظاهرا.
وفيه نظر ، فإنّ دلالة الغيم على ظهور العلّيّة لا باعتبار المقارنة ، بل باعتقاد أنّ الغيم الرطب له صلاحية التأثير ولم يوجد غيره فيظن أنّه سبب ، فإذا وجد ظنّ وجود معلوله.
وأمّا التفسير الثاني فاعتذروا عن النقض بأنّ مجرّد المقارنة يفيد ظنّ العلّيّة بشرط عدم خطور وصف آخر هو أولى بالرعاية ، لكن هذا الشرط ساقط عن المعلّل ، لأنّ نفي المعارض ليس من وظيفته ، والتمثيل بالدهن إنّما بطل بحصول العلم الضروري بوجود وصف آخر هو أولى بالاعتبار من الوصف المذكور ، فإنّا متى علمنا أنّ لزوجة الدهن غير مزيلة للنجاسة ، علمنا أنّ هذا الوصف أولى بالاعتبار من كونه بحيث لا تبنى القنطرة على جنسه.
ولا يكفي في القدح في مثل هذا التعليل خطور وصف آخر بالبال ؛
__________________
(١) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٣٥٦.
(٢) المعتذر هو الرازي في المحصول : ٢ / ٣٥٦.