نثبت كلّ ما لا نعرف دليلا على صحّته لزمنا أن لا نثبت ما لا نهاية له ، وهو حقّ.
الثاني : قال بعضهم : هذا القياس عبور من حكم الأصل إلى حكم الفرع فيدخل تحت الأمر بالاعتبار. أو يقال : هذا تسوية بين الأصل والفرع فيدخل تحت الأمر بالعدل. وهو ضعيف ، لأنّ أقصى ما في الباب عموم اللفظ في هاتين الآيتين ، وتخصيص العموم جائز بالإجماع.
وأجمع السّلف على أنّه لا بدّ من دلالة على تعيين الوصف للعلّيّة.
الثالث : قال أبو حنيفة : مسح الرأس لا يتكرر ، تشبيها له بمسح الخف ، والتيمّم ، والجامع أنّه مسح ، وللمانع أن يمنع أنّ الحكم في الأصل معلّل بكونه مسحا ، بل لعلّه تعبّد ولا علّة له ، أو معلّل بمعنى آخر مناسب لم يظهر لنا. والنزاع وقع في علّة الأصل ، وهو أنّ مسح الخفّ لم لا يستحب تكراره؟ أيقال : إنّه تعبّد لا يعلل ، أو لأن تكراره يؤدي إلى تمزيق الخف. والشافعي يقول : يستحب التكرار ، لأنّه أصل يؤدّى بالماء فيتكرر ، كالأعضاء الثلاثة. (١)
الرابع : تحقيق المناط وهو النظر في معرفة وجود العلّة في آحاد الصور بعد معرفتها في نفسها إمّا بنص أو اجماع أو استنباط ، كما في القبلة فانّها مناط وجوب استقبالها ، وهي معروفة بإيماء قوله تعالى : (وَحَيْثُ ما
__________________
(١) راجع المستصفى من علم الأصول : ٢ / ٣٢٠.