المناظرة بانقلاب المستدل معترضا والمعترض مستدلا.
نعم لو قال المعترض : ما دللت به على وجود المعنى في الفرع يقتضي وجوده في صورة النقض ، فهذا إن صحّ كان نقضا على دليل وجود العلّة في الفرع لا على كون ذلك الوصف علّة للحكم ، فيكون انتقالا من السؤال الّذي بدأ به إلى غيره.
وقال آخرون : له ذلك ، لأنّ به يتحقّق انتقاض العلّة وهو قد انتصب لبيان ذلك ولا يتم الدعوى إلّا باستيفاء الدليل وذكر مقدّماته.
وفصّل آخرون فقالوا : إن تعيّن ذلك طريقا للمعترض في هدم كلام المستدلّ وجب قبوله منه تحقيقا لفائدة المناظرة ، وإن أمكنه القدح بطريق آخر أفضى إلى المقصود فلا.
وفيه نظر ، لأنّه إن كان مسموعا لم يخرج عن ذلك بتعدّد الطرق الأخرى ، وإن لم يكن لم يصر طريقا بانتفاء غيره.
نعم لو كان المستدلّ قد دلّ على وجود العلّة في محلّ التعليل بدليل هو موجود في صورة النقض ، فإذا منع وجود العلّة ، فإن قال المعترض : فقد انتقض الدليل الّذي دللت به على وجود العلّة ، لا يكون مسموعا لكونه انتقالا من النقض على نفس العلّة إلى النقض على دليلها.
كما قلنا مثاله : لو قال في مسألة تبييت النية وتعيينها ، أي بمسمّى الصوم ، فوجب أن يصحّ كما في محلّ الوفاق ، ودلّ على وجود الصوم بقوله : الصوم عبارة عن الإمساك مع النيّة ، وهو موجود فيما نحن فيه.