اعترض (١) بأنّ المقصود من شرع الحكم هو الحكمة دون ضابطها ، وحينئذ يحتمل أن يكون مقدار الحكمة في صورة النقض مساويا لمقدارها في صورة التعليل ، وأن يكون أزيد ، وأن يكون أنقص وعلى تقديري المساواة والزيادة ، فقد وجد في صورة النقض ما كان موجودا في صورة التعليل ، وعلى تقدير النقصان لا يكون موجودا.
وما يتم على تقديرين أغلب على الظن ممّا لا يتم إلّا على تقدير واحد ، وحينئذ يظهر إلغاء ما ظنه المعلّل علّة.
وأجيب بأنّ الحكمة وإن كانت هي المقصودة ، لكن على وجه تكون مضبوطة إمّا بنفسها ، أو بضابطها ، وما فرض من الحكمة في صورة النقض مجردة عن ضابطها ، فامتنع كونها مقصودة ؛ وبتقدير القصد فالنقض من قبيل المعارض لدليل كونها معلّلا بها. وعلى هذا فانتفاء الحكم مع وجود الحكمة في دلالته على إبطال علّيّة الحكمة مرجوح بالنظر إلى دليل التعليل بها. وذلك لأنّه من المحتمل ان يكون انتفاء الحكم في صورة النقض لمعارض ، ومع هذا الاحتمال فتخلف الحكم عنها لا يدلّ على إبطالها.
فإن قلت (٢) : بحثت وسبرت فلم أطّلع على ما يصلح معارضا في صورة النقص ، فيظهر استناد الانتفاء إلى انتفاء العلّة. عورض بقول المعلّل :
__________________
(١) ذكره مع الجواب عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٥٣.
(٢) ذكره مع الجواب عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٥٣.