بحثت في محلّ التعليل ، فلم أظفر بما يصلح للتعليل سوى ما ذكرته ، فهو العلّة.
فإن رجّح المعترض بحثه باشتماله على موافقة انتفاء الحكم لانتفاء علّته ، إذ هو الأصل ، نفيا للتعارض. عورض بما في بحث المستدل من موافقة ما ظهر من دليل العلّة من المناسبة والاعتبار ، فيتعارضان. ويترجّح كلام المستدلّ بأنّ مقدار الحكمة في محل التعليل ، وإن كان مظنون الوجود في صورة النقض ، فيحتمل عدمه فيها وإلّا كان مقطوعا به لا مظنونا. وهو موجود في صورة التعليل قطعا مع اقتران الحكم به قطعا ، وهو دليل العلّيّة ، وما هو دليل البطلان فوجوده في صورة النقض ظنّا مع انتفاء الحكم قطعا ، والمقطوع به من وجهين راجح على ما هو مقطوع به من وجه ومظنون من آخر.
وهذا الترجيح غير آت في النقض على المظنّة ، فلهذا كان النقض لازما على المظنّة دون الحكمة.
فإن قلت : لو فرض وجود الحكمة في صورة النقض قطعا فما حكمه؟ [قلنا :] منعنا وقوعه ، وبتقديره قال بعضهم : لا التفات إليه لعسر معرفته في آحاد الصور مع خفائه وندوره ، بخلاف التوسّل إلى معرفة الضوابط الجلية فكان حط هذه الكلفة عن المجتهد وردّ الناس إلى الضوابط الجلية المشتملة على احتمال الحكم غالبا مناسبا.
اعترض (١) بأنّ المشقّة وإن وجدت على تقدير البحث عن وجود
__________________
(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٥٤.