الثاني : ان يتعرّض لإبطال مذهب المستدلّ صريحا بأن يجعله حكما للدليل بلا واسطة.
الثالث : أن يتعرّض لإبطال مذهب المستدل التزاما.
فالأوّل : كقول الحنفي في مسألة الاعتكاف : لبث محض فلا يكون قربة بنفسه كالوقوف بعرفة.
فيقول المعترض : لبث محض فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة. فالحكمان المذكوران في الأصل والقلب لا يتنافيان في الأصل ويتنافيان في الفرع ، وكلّ منهما قد تعرض في دليله لتصحيح مذهبه ، إلّا أنّ المستدلّ أشار بعلّيته إلى اشتراط الصوم بطريق الإلزام ، والمعترض أشار إلى نفي اشتراطه صريحا.
وعند التحقيق فتعليل المستدل في هذا المثال لنفي القربة ليس تعليلا بمناسب يقتضي نفي القربة ، بل بانتفاء المناسب من حيث إنّ اللبث المحض لا مناسبة فيه البتة للقربة. وتعليل المعترض بأمر طردي فإنّه لا مناسبة في اللبث المحض لنفي اشتراط الصوم.
وقد يتّفق أن يكون كلّ من المعترض والمستدلّ قد تعرض لتصحيح مذهبه صريحا ، كقولنا : طهارة تراد لأجل الصلاة فلا تجوز بغير الماء كطهارة الحدث.
فيقول المعترض : طهارة تراد لأجل الصلاة فتصحّ بغير الماء كطهارة