الحدث ، فقد تعرض كلّ منهما في الدليل لتصحيح مذهبه صريحا والعلّة في الطرفين شبيهة.
وأمّا الثاني : فكقول الحنفي في مسح الرأس : عضو من أعضاء الوضوء ، فلا يكفي فيه أقلّ ما ينطلق عليه الاسم كسائر الأعضاء.
فيعارض بأنّه عضو من أعضاء الوضوء ، فلا يعتذر بالربع كسائر الأعضاء. وهذان الحكمان لا يتناقضان لذاتيهما ، لأنّهما حصلا في باقي الأعضاء ، بل يتنافيان في الفرع بواسطة اتّفاق الخصمين ، فكلّ منهما قد صرّح في دليله بإبطال مذهب خصمه ، وليس فيه ما يدل على تصحيح مذهب أحدهما ، إذ لا يلزم من إبطال مذهب الخصم تصحيح مذهبه ، لإمكان أن يكون الصحيح مسح الجميع كقول مالك.
نعم لو انحصر القول في مذهبين واتّفق الناس على بطلان الثالث ، لزم من تعرض كلّ منهما بإبطال مذهب خصمه تصحيح مذهبه.
وأمّا الثالث : فكقول الحنفي في بيع الغائب عقد معاوضة فيصحّ مع الجهل بالعوض كالنكاح.
فيقول الشافعي : عقد معاوضة فلا يشترط فيه خيار الرؤية ، كالنكاح.
وهذان الحكمان غير متنافيين في الأصل ، لأنّه اجتمع في النكاح الصحّة وعدم الخيار ، لكن لا يمكن اجتماعهما في الفرع. فالمعترض لم يصرّح بإبطال مذهب المستدلّ في القول بالصحّة ، بل بطريق الالتزام ، فإنّ القائل بالصحّة قائل بخيار الرؤية ، فالخيار لازم الصحّة ، فإذا انتفى انتفى