بموجب هذا الدليل وانّ التفاوت في الوسيلة لا يمنع من التفاوت في المتوسل إليه ؛ إنّما النزاع في وجوب القصاص.
ولا يلزم من إبطال ما ذكر من الموانع إثبات وجوب القصاص ، لجواز انتفاء المقتضي لذلك ، أو وجود المانع ، أو فوات شرط.
وورود هذا النوع أغلب من الأوّل في المناظرات ، فإنّ خفاء المدارك أغلب من خفاء الأحكام ، لكثرة المدارك وتشعّبها وعدم الاطّلاع على معرفة ما هو دليل الخصم ، بخلاف الأحكام ، لقلة الذّهول عنها.
ولهذا يشترك الخواص والعوام في معرفة الحكم المنقول دون معرفة المدارك ، فاحتمال الخطأ في اعتقاد كون المدرك المعيّن هو مدرك الإمام أقرب من احتمال الخطأ فيما ينسب إلى الإمام من الحكم المدلول عليه.
واختلف الجدليون فقال قوم : يجب تكليف المعترض إبداء مستند القول بالموجب في هذا النوع ، لاحتمال أن يكون هذا المأخذ عنده ، فإذا علم عدم تكليفه بإبداء المأخذ عند إيراد القول بالموجب ، فقد يعاند قول ذلك مع قصد إيقاف كلام خصمه ، ولا كذلك إذا أوجب عليه بيان المأخذ فكان أفضى إلى انتفاء الخبط.
ومنعه آخرون إذ لا وجه لتكليفه بذلك بعد قيامه بشرائط القول بالموجب ، وهو استبقاء محل النزاع. وهو الأظهر ، لأنّه عاقل متديّن ، وهو أعرف بمأخذ إمامه ، وظاهر حاله الصدق فوجب تصديقه في ما ادّعاه.