ثمّ لو أوجبنا ذكر المأخذ فإن منعنا المستدلّ من إبطاله والاعتراض عليه انتفت فائدة ذكر المأخذ لإمكان ادّعاء ما لا يصلح للتعليل ترويجا لكلامه لوثوقه بامتناع ورود الاعتراض عليه.
وإن مكنّاه لزم انقلاب المعترض مستدلا وبالعكس ، واشتماله على الخبط ظاهر.
الثالث : أن يسكت المستدلّ عن الصغرى غير مشهورة ، مثل ما ثبت قربه فشرطه النية كالصلاة ويحمل قوله : والوضوء قربة. فيقول المعترض : أقول بالموجب وأمنع من إيجاب النية في الوضوء ولو ذكرها المستدلّ لم يكن للمعترض إلّا المنع. فقول الجدليّين في الثلاث انقطاع أحدهما صحيح في الأوّلين لما ذكر من توجيهها عليه ، وبعيد في الثالث لاختلاف المرادين ، فلا يرد النفي والإثبات على محل واحد ، لأنّ أحدهما أراد بالقربة غير ما أراد به الآخر. وحينئذ يصير النزاع لفظيا.
وجواب القول بالموجب بالاعتبار الأوّل من وجوه (١) :
الأوّل : أن يقول المسألة مشهورة بالخلاف فيما فرضت فيه الكلام إن أمكن والشهرة بذلك دليل وقوع الاختلاف فيه.
الثاني : أن يبيّن لزوم محلّ الخلاف فيما فرض فيه الكلام.
كما لو قال : لا يجوز قتل المسلم بالذمّي.
فيقول المعترض : أقول بالموجب ، لأنّه يجب ، والواجب ليس بجائز.
__________________
(١) ذكرها الآمدي في الإحكام : ٤ / ١١٨.