مستقلّتين ، وإن لم يستقلّ واحد منهما فهو محال ، لأنّ نفي المقتضي بتقدير انتفاء معارضه مستقل بالنفي إجماعا ، وفيه إخراج المستقل عن الاستقلال وهو ممتنع.
وإذا ثبت أنّه لا بدّ في التعليل بالمانع وفوات الشرط من وجود المقتضي فلا بدّ من بيانه إمّا بطريق إجمالي أو تفصيلي يدلّ على وجوده وعلّيّته بما يساعد من الأدلّة.
وإن اتّفق أن كان الشارع قد نصّ على نفي الحكم ، فهو دليل ظاهر على وجود المقتضي ، لأنّه لو لم يكن المقتضي موجودا كانت فائدة التنصيص على النفي التأكيد لاستقلال نفي المقتضي بالنفي.
والأصل أن يحمل كلام الشرع على فائدة التأسيس ، لكونها أصلا ، وإنّما يتمّ ذلك بالنظر إلى وجود المقتضي.
لا يقال : اعتقاد وجود المقتضي ـ حملا للكلام على فائدة التأسيس ـ يستلزم نفي الحكم مع وجود ما يقتضيه ، وهو خلاف الأصل أيضا. وليس مخالفة محذور مخالفة المقتضي مع كونه على خلاف الأصل دفعا لمحذور حمل الكلام على فائدة التأكيد أولى من العكس.
لأنّا نقول (١) : المحذور اللازم من نفي الحكم مع وجود المقتضي مخالفة المقتضي خاصة وهو غالب في الشرع ، ومحذور التأكيد مع كونه
__________________
(١) ذكر الإشكال والجواب عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٦٧.