المنع من إثبات الأحكام في الفروع بالعلل ، فهو قول بإبطال القياس في أكثر المسائل عندهم ، لأنّها إنّما تعلّل فيها أحكامها دون أسمائها ، والامارة إنّما تدلّ على أنّ الوصف له تأثير في الحكم لا في الاسم ، فإنّ علّة تحريم البرّ كونه مكيلا مثلا لا مسمّى بأنّه برّ ، والأمارة إنّما تدلّ على أنّ للكيل أو للطعم تأثيرا في تحريم التفاضل لا في كونه مسمّى بأنّه بر ثم يرد الأرز إليه ليثبت فيه حكمه ابتداء لا تبعا للاسم ، لأنّا نطلب بالقياس التسمية.
وان أراد أنّ العلل قد يتوصّل بها إلى الأسماء في بعض المواضع ولم يمنع من أن يتوصّل بها إلى الأحكام ؛ فإن أراد بالعلل العلل الشرعية وبالأسماء الأسماء اللغوية ، فهو باطل ، لسبق اللغة على الشرع ، فلا يجوز إثبات أسمائها بأمور طارئة عليها ؛ ولأنّ جميع أمارات الشرع يتعلّق بالأحكام لا باللغات.
وإن أراد أنّ الأسماء قد ثبتت في اللغة بقياس غير شرعي نحو (١) أن يعلم أنّهم سمّوا الجسم الأبيض الذي حضرهم لوجود البياض فيه ، لعلمنا أنّه إذا انتفى عنه البياض لم يسمّوه بذلك ، فإذا وجد فيه سمّوه بذلك ، ثمّ يقيس عليه ما غاب عنه من الأجسام البيض ، فغير بعيد.
وإن أراد أنّ من الأسماء الشرعية ما ثبت بالعلل ، فغير بعيد أيضا ، لأنّا نعلم أنّ الشريعة سمّت الصلاة صلاة لصفة من الصفات متى انتفت عنها لم تسمّ في الشريعة صلاة ، فيعلم أنّ ما يشاركها في تلك الصفة يسمّى صلاة.
__________________
(١) في «ب» : بجواز ، وفي «ج» : يجوز.