دعوى السببية يتوقّف على ثبوت الحكم لم يجز إثبات الحكم بها ، وإلّا دار ، فلا يمكن الاستدلال بالعلّيّة على الحكم.
الرابع : لو سلّمنا توقّف التعليل بالمانع على وجود المقتضي فلا حاجة إلى ذكر دليل منفصل على وجود المقتضي ، بل يكفي إمّا أن لا يكون المقتضي ثابتا في الفرع فينتفي الحكم فيه وهو المطلوب ، أو يكون لكنه إنّما يثبت فيه تحصيلا لمصلحة ودفعا لحاجة ، وهذا المعنى قائم في الأصل ، فيثبت المقتضي في الأصل. وإذا ثبت ذلك صحّ جواز تعليل عدم الحكم فيه بالمانع.
الخامس : قال قوم (١) : يجب أن يكون ثبوت الوصف الّذي جعله علّة في الأصل متّفقا عليه. وهو باطل. لأنّه لما أمكن إثباته بالدليل حصل المقصود ، والحق أنّ ذلك قد يعلم بالضرورة ، أو بالبرهان ، وقد يظنّ بالأمارة.
السادس : حكى عن أبي عباس ابن شريح أنّ الثابت بالقياس إنّما هو الأسماء في الفروع ثمّ تعلّق عليها الأحكام ، وكان يتوصل بالقياس إلى أنّ الشفعة شركة ثمّ يجعلها موروثة ، وانّ وطي البهيمة زنا ثمّ تعلّق به الحد ، وبعض الشافعية كان يقيس النبيذ على الخمر في تسميته خمرا لاشتراكهما في الشدة ثمّ يحرمه بالآية.
وأكثر الفقهاء على أنّ العلل تثبت بها الأحكام ؛ فإن قصد ابن شريح
__________________
(١) راجع المحصول : ٢ / ٤١٣.