والقرن ، ثم يقيس الرتق والقرن على الجب والعنة بواسطة فوات الاستمتاع لم يصح القياس ، لأنّ الحكم في الفرع المتنازع فيه أوّلا إنّما يثبت بما يثبت به حكم أصله ، فإذا كان حكم أصله ثابتا بعلّة أخرى وهي ما استنبطت من الأصل الأخير ، امتنع تعدية الحكم بغيرها ؛ لأنّ غيرها لم يثبت اعتبار الشرع له ضرورة أنّ الحكم الثابت معه [ثابت] بغيره اتّفاقا ؛ فلو ثبت الحكم به في الفرع الأوّل مع عدم اعتباره ، كان ذلك إثباتا للحكم بالمعنى المرسل الخالي عن الاعتبار ، وهو محال.
ولو قلنا بجواز تعليل الحكم بعلّتين امتنع هنا ، لأنّه لا يمكننا إثبات الحكم في الأصل القريب إلّا بأن يتوصّل إليه بالعلّة الثابتة في البعيد ، ومتى توصّلنا إلى ثبوت تلك العلّة امتنع تعليله بالعلّة الثابتة في الفرع ، لأنّ تلك العلّة إنّما عرفت بعد أن عرف تعليل الحكم بعلّة أخرى ، ومتى عرف ذلك كلّه كانت العلّة الثابتة (١) عديمة الأثر فيمتنع التعليل بها.
هذا كلّه إذا كان حكم الأصل مقبولا من جهة المستدلّ ممنوعا من جهة المعترض ؛ وأمّا إن كان بالعكس ، كقول الحنفي في مسألة تعيين النية : إذا نوى النفل أتى بالمأمور به ، فصحّ ؛ كما لو نوى النفل في الحج الواجب ، فإنّ حكم الأصل لا يقول به الحنفي بل الشافعي ، فلا يصحّ من المستدلّ بناء الفرع عليه ، لأنّه يتضمن اعترافه بالخطإ في الأصل لوجود العلّة فيه من دون الحكم.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : التامّة.