الرابع : وجوب ظهور كون ذلك [الأصل] معلّلا بوصف معين ، لافتقار ردّ الفرع إليه إلى هذه الواسطة.
الخامس : عدم تأخّر حكم الأصل عند بعضهم ، كقياس الوضوء على التيمّم المتأخّر عن الهجرة في وجوب النية ، وقد سبق الخلاف فيه. والوجه أن يقال : إن لم يوجد دليل على حكم الفرع سوى ذلك القياس امتنع تقديم حكم الفرع ، وإلّا لزم حصول الحكم من غير دليل ، وهو تكليف ما لا يطاق ، أو أنّه لم يكن حاصلا فيكون كالنسخ ، وإن وجد دليل غيره جاز لجواز تعدّد الأدلّة دفعة ومترتّبة.
السادس : أن لا يكون حكم الأصل ثابتا بالقياس ولا متفرعا عن أصل آخر. وهو مذهب أكثر الشافعية والكرخي ، خلافا للحنابلة وأبي عبد الله البصري ، (١) لأنّ المشترك بين الأصلين إن كان هو المشترك بين الفرع والأصل القريب أمكن رد الفرع إلى البعيد فبلغوا ذكر القريب. مثاله قول الشافعي في السفرجل : «مطعوم» فيجري فيه الربا قياسا على التفاح ، ثم يقيس التفاح في تحريم الربا على البر بواسطة الطعم وإن تغايرا ؛ فإن كانت العلّة في القريب مؤثرة ـ أي ثابتة بنص أو إجماع ـ أمكن إثبات الحكم في الفرع بالعلّة المؤثّرة ، ولا حاجة إلى القياس على القريب ثم قياس القريب على البعيد ؛ وإن كانت مستنبطة كقول الشافعي في فسخ النكاح بالجذام : عيب ثبت به الفسخ في البيع فيثبت به الفسخ في النكاح قياسا على الرتق
__________________
(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢١٥ ، القسم الأوّل : في شرائط حكم الأصل.