الرابع : إنّما يماثل حكم الفرع حكم الأصل في عينه ، كوجوب القصاص في النفس المشترك بين المثقل والمحدّد ، أو جنسه كإثبات الولاية على الصغيرة في نكاحها قياسا على إثباتها في مالها ، فإنّ المشترك جنس الولاية لا عينها ، ولولاه بطل القياس ، لأنّ شرع الأحكام ليس مطلوبا لذاته ، بل لاقتضائه إلى مقاصد العباد ، سواء ظهر المقصود أو لا ، فإذا ماثل حكم الفرع الأصل علمت المماثلة بين ما يحصل به من المقصود وبين ما يحصل من حكم الأصل لاتّحاد الوسيلة.
أمّا لو خالف حكم الفرع حكم الأصل مع أنّه الوسيلة إلى تحصيل المقصود فإفضاؤه إلى الحكمة المطلوبة يجب أن يكون مخالفا لإفضاء حكم الأصل إليها.
والمخالفة بينهما في الإفضاء إمّا أن يكون لزيادة في إفضاء حكم الأصل إليها ، فلا يلزم من شرع الحكم في الأصل رعاية الأصل المقصود وزيادة الإفضاء إليه بشرع حكم الفرع تحصيلا لأصل المقصود دون زيادة الإفضاء إليه ، لأنّ زيادة الإفضاء إلى المقصود مقصودة للعقلاء أو في إفضاء حكم الفرع ، وهو ممتنع للاتّفاق على امتناع ثبوت مثل حكم الفرع في الأصل.
وعند ذلك فتنصيص الشارع على حكم الأصل دون حكم الفرع يدلّ على أنّ حكم الأصل أفضى إلى المقصود من حكم الفرع ، إذ لو كان حكم الفرع أفضى لكان أولى بأن ينص عليه.