الثاني : وهو اعتماد المازني والفارسي أنّ أهل اللغة أجمعوا على رفع كلّ فاعل ونصب كلّ مفعول ، وكذا وجوه الإعرابات ، ولم يثبت إلّا قياسا ، لأنّهم لما وصفوا بعض الفاعلين به واستمروا فيه ، علم أنّه ارتفع لكونه فاعلا ، وانتصب لكونه مفعولا.
ولا يعارضه وجود فاعل غير مرتفع ولا مفعول غير منتصب ، لجواز تخلّف المعلول لمانع ، وهو غير قادح في العلّيّة عند من جوّز تخصيصها ، ومن يمنعه يجعل القيد العدمي جزءا منها.
وفيه نظر ، لأنّ التعميم ليس بالقياس ، بل بالوضع كأسماء الأجناس.
الثالث : إجماع أهل العربية على رفع ما لم يسمّ فاعله لشبهه بالفاعل في إسناد الفعل إليه. ولم تزل النحاة من البصريين والكوفيّين يعلّلون أحكام الإعراب بأنّ هذا يشبه ذاك في كذا ، فيشبهه في الإعراب ، وإجماعهم في اللغة حجّة.
وفيه نظر ، فإنّ النحويّين لم يدّعوا التعليل في الموضع ، بل ذكروا وجه الحكم. (١)
احتجّ الآخرون بوجوه (٢) :
الأوّل : قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)(٣) دالّ على أنّ الأسماء بأسرها توقيفية ، فلا يثبت شيء منها بالقياس.
__________________
(١) في «أ» : الحكمة.
(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٢٠.
(٣) البقرة : ٣١.