الرابعة : يجوز التعبّد بالنص في جميع الأحكام ، وهو ظاهر ، بل هو الواجب عند الإمامية ، فإنّه تعالى نصّ على جميع الأحكام إجمالا ودخلت تفاصيلها فيها ، كالنصّ على البيع فيندرج فيه كلّ بيع ، وكذا النصّ على تحريم الربا فيندرج فيه كلّ ما صدق عليه اسم الربا ولا يجوز التعبّد بالقياس في كلّ الأحكام عند الأشاعرة ، (١) لتوقّفه على ثبوت الحكم في الأصل ، وأحكام الأصول شرعية عندهم إذ العقل إنّما يدلّ على البراءة الأصلية فما عداها لا يثبت إلّا بالشرع ، فلو كانت تلك الأحكام مثبتة بالقياس ، دار.
وأمّا المعتزلة فلمّا كان العقل لا يفي بإدراك جميع الأحكام وأنّه لا بدّ له من كاشف شرعي لا جرم امتنع ذلك عندهم أيضا.
الخامسة : ذهب شاذ إلى جواز إجراء القياس في جميع الأحكام الشرعية ، لأنّها من جنس واحد ، ولهذا تدخل جميعها تحت حدّ واحد ، وهو حدّ الحكم الشرعي ويشترك فيه ، وقد جاز على بعضها أن يكون ثابتا بالقياس ، والجائز على بعض المتماثلات جائز على الجميع ؛ وهو باطل ، لأنّ جميع الأحكام الشرعية وإن دخلت تحت حدّ الحكم الشرعي ، وكان الحكم الشرعي من حيث هو حكم شرعي جنسا لها غير أنّها متنوّعة مختلفة بأمور موجبة لتمايزها واختلافها ؛ فجاز استناد ما جاز عليها إلى ما به التعيين والامتياز لا إلى المشترك.
__________________
(١) المحصول : ٢ / ٤٢٦ ، المسألة العاشرة.