فحصوله في الزمان الثاني أمر حادث ، فإذا لم يكن وجود الحادث راجحا ، لم يكن وجود الباقي المتوقّف عليه راجحا ، لأنّ المتوقّف على ما لا يكون راجحا غير راجح.
سلّمنا أنّ الباقي راجح الوجود ، ولكن ما لم يتحقّق كونه باقيا لا يتحقّق كونه راجح الوجود. وإنّما يصدق عليه البقاء إذا حصل في الزمن الثاني. فالحاصل : أنّا ما لم نعرف وجوده في الزمن الثاني لا نعرف كونه راجح الوجود ، وأنتم جعلتم رجحان الوجود دليلا على وجوده في الزمن الثاني ، فيدور.
سلّمنا رجحان الباقي في الوجود الخارجي على الحادث ، لكن لم قلت : إنّه راجح في الظن؟
واعترض على الأوّل ، أيضا بوجوه (١) :
أ. نمنع الإجماع على الفرق ، فإنّ مالكا ذهب هو وجماعة إلى التسوية في عدم الصحّة.
ب. سلّمنا أنّه لو لم يكن الأصل البقاء في كلّ متحقّق ، للزم رجحان الطهارة أو المساواة في الصورة الأولى ، ورجحان الحدث أو المساواة في الصورة الثانية. لكن لا يلزم من رجحان الطهارة في الصورة الأولى جواز الصلاة ، لامتناع الصلاة بعد النوم والإغماء والمسّ على الطهارة ، وإن كان وجود الطهارة راجحا ، ولامتناع الصلاة مع ظن الحدث في الصورة الثانية
__________________
(١) ذكرها الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٣٥.