سلّمنا دلالة ذلك على الأغلبية ، لكن فيما يقبل البقاء لا فيما لا يقبله فلم قلتم : إنّ الأعراض الّتي وقع النزاع فيها قابلة للبقاء ، خصوصا عند الأشاعرة المانعين من بقاء الأعراض.
والجواب قوله (١) : ما المراد من استغناء الباقي؟
قلنا : لا شكّ في أنّ الباقي هو الّذي حصل في زمان بعد أن كان بعينه حاصلا في آخر ، وهو يقتضي أن تكون الذات الحاصلة في هذا الزمان عين الذات الحاصلة في الآخر.
فتلك الذات الحاصلة في الزمانين إن حصل فيها في الزمن الثاني أمر لم يكن حاصلا في الأوّل ، كان المتجدّد مغايرا للذات الباقية ، فيكون الباقي في الحقيقة هو الذات ، لا الكيفية المتجددة. فنحن ندّعي أنّ ذلك الباقي يستحيل استناده إلى المؤثر حال بقائه. وحينئذ لا يكون استناد الكيفية المتجدّدة إلى المؤثر قادحا في قولنا : الباقي غير مستند للتغاير بينهما.
وإن لم يحصل في الزمن الثاني أمر متجدّد ، بل الحاصل فيه ليس إلّا الذات الحاصلة في الأوّل ، بطل قولهم : إنّ كونه باقيا كيفية حادثة ، وإنّها مفتقرة إلى المؤثر.
فعلى التقديرين يسقط السؤال.
وفيه نظر ، لأنّ فرض البقاء فرض المتجدّد ، وإذ البقاء لم يكن أوّلا
__________________
(١) ذكره الرازي في المحصول : ٢ / ٥٥٥.