ويرد عليه ما تقدّم من عدم الانحصار في النص والإجماع والقياس.
قال : فان قيل الإجماع يحرّم الخلاف فكيف يرتفع بالخلاف؟
أجاب بأنّ هذا الخلاف غير محرّم بالإجماع ولم تكن المخالفة خارقة للإجماع ، لأنّ الاجماع إنّما انعقد على حالة العدم ، لا على حالة الوجود ، فمن ألحق الوجود بالعدم فعليه الدّليل. (١)
لا يقال : دليل صحّة الشروع دالّ على الدوام إلى أن يقوم دليل على الانقطاع.
لأنّا نقول : ليس ذلك الدليل الإجماع ، لأنّه مشروط بالعدم ، فلا يكون دليلا عند العدم ، فإن كان نصّا فيه فبيّنه لننظر هل يتناول حال الوجود أم لا؟
لا يقال : بم تنكرون على من يقول : الأصل أنّ ما ثبت دام إلى وجود قاطع فلا يحتاج الدوام إلى دليل في نفسه ، بل الثبوت هو المحتاج ، كما إذا ثبت موت زيد أو بناء دار كان دوامه بنفسه لا بسبب.
لأنّا نقول : هذا وهم باطل ، فإنّ كلّ ثابت جاز دوامه وعدمه ، فلا بدّ لدوامه من سبب ودليل سوى دليل الثبوت ، ولو لا دليل العادة على أنّ الميت لا يحيا ، والدار لا تنهدم بعد البناء إلّا بهادم أو طول الزمان ، لما عرفنا دوامه بمجرّد موته ، كما لو أخبر عن قعود الأمير وأكله ودخوله الدار ولم تدل العادة على دوام هذه الأحوال فإنّا لا نقضي بدوامها ، فكذا خبر الشرع
__________________
(١) المستصفى من علم الأصول : ١ / ٣٨٠ ـ ٣٨١.