أو التتمّة ، فقال الغزالي : الواقع في محل الحاجة والتتمّة لا يجوز الحكم فيها بمجرّد المصلحة ، لأنّه يجري مجرى وضع الشرع بالرأي. وأمّا الواقع في رتبة الضرورة فلا يبعد أداء اجتهاد مجتهد إليه. كالكفّار إذا تترّسوا بجماعة من المسلمين ، فلو كففنا عنهم استولوا على دار الإسلام وقتلوا المسلمين كافّة. والترس أيضا. ولو رمينا الترس قتلنا مسلما لم يذنب ، ولا عهد مثله في الشرع.
فيجوز أن يقول قائل : هذا الأسير مقتول بكلّ حال ، فحفظ كلّ المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ المسلم الواحد واعتبرنا هذه المصلحة لاشتمالها على كونها ضرورية قطعية كلية. (١)
إذا عرفت هذا فنقول : اختلف الناس في الاستدلال بالمصالح المرسلة ، فالإمامية والشافعية والحنفية وغيرهم على امتناع ذلك ، ونقل عن مالك القول به وأنكر أصحابه ذلك عنه ، ولعلّ النقل مختصّ بما ذكره الغزالي. (٢)
لنا : إنّ المصالح منها ما ثبت اعتباره وعهد من الشارع الالتفات إليه ، ومنها ما ثبت إلغاؤه وعهد من الشرع إبطاله ، وهذا القسم متردّد بين الأمرين ، وليس إلحاقه بأحد القسمين أولى من الآخر ، فامتنع الاحتجاج به دون شاهد بالاعتبار يعرف أنّه من قبيل المعتبر دون الملغى.
__________________
(١) المحصول : ٢ / ٥٧٨ بتصرف ، نقلا عن المستصفى : ١ / ٢٩٣ ـ ٢٩٥.
(٢) المستصفى : ١ / ٢٩٧.