الأقوى ، لأنّ العبادة بالشرائع تابعة لما يعلمه الله تعالى من المصلحة بها في التكليف العقلي ، ولا يمتنع أن يعلم الله تعالى أنّه لا مصلحة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل نبوته في العبادة بشيء من الشرائع ، كما أنّه غير ممتنع أن يعلم أنّ له في ذلك مصلحة وإذا جاز كلّ منهما ولا دلالة توجب القطع على أحدهما وجب الوقف. (١)
احتجّ المنكرون بوجهين (٢) :
الأوّل : لو كان متعبّدا بشرع أحد لوجب عليه الرجوع إلى علماء تلك الشريعة والاستفتاء منهم ، والأخذ بقولهم ، ولو كان كذلك لاشتهر ولنقل بالتواتر قياسا على سائر احواله ؛ وحيث لم ينقل ، علمنا أنّه لم يكن متعبّدا بشرعهم.
الثاني : لو كان على ملّة قوم ، لافتخر به أولئك ولنسبوه إلى أنفسهم ، ولو كان كذلك لاشتهر.
لا يقال : لو لم يكن متعبّدا بشرع أحد لاشتهر.
لأنّا نقول : الفرق أنّ قومه ما كانوا على شرع أحد ، فبقاؤه لا على شرع البتّة لا يكون مخالفا للعادة ، فلا تتوفّر الدواعي على نقله. أمّا كونه على شرع أحد لمّا كان بخلاف عادة قومه ، وجب أن ينقل.
والاعتراض : لا نسلم وجوب الرجوع ، لأنّ المتواتر معلوم وغيره لا
__________________
(١) راجع الإحكام : ٤ / ١٤٥.
(٢) ذكرهما الرازي في المحصول : ١ / ٥١٨.