يفيد ونمنع وجوب الاشتهار ، فإنّ كثيرا من الأحكام الّتي كلّفنا بمعرفتها وجدت في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعبّدنا بها لم تشتهر ، كفصول الأذان ، فكيف حال الأخفى؟
واحتج الآخرون بوجهين (١) :
الأوّل : دعوة من تقدّمه عامّة فيكون داخلا فيها لعدم النسخ قبل نبوته.
الثاني : انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل البعثة كان يصلّي ويحج ويعتمر ، ويطوف بالبيت ويعظّمه ، ويذكّي اللحم ويأكله ، ويركب البهيمة ويتجنب الميتة ، والعقل غير دالّ على ذلك.
والاعتراض : لا نسلّم عموم دعوة من تقدّمه ، فإنّه لم ينقل في ذلك لفظ يدل على التعميم.
سلّمنا ، لكن تلك الدعوة لم تنقل إليه بالتواتر ولا بالاشتهار الموجب للظن الغالب ، بل تكون الشرائع قد اندرست وتعذّر التكليف بها لعدم نقلها وتفصيلها ، ولذلك بعث صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك الزمان ، وهو المراد من زمان الفترة.
وركوب البهائم حسن في العقل ، لأنّه طريق إلى حفظها ونفعها بالعلف وغيره.
وأكل اللحم المذكّى حسن ، إذ لا مضرة فيه على حيوان وفيه نفع للآكل.
__________________
(١) ذكرهما الرازي في المحصول : ١ / ٥١٩.