الأوّل : قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا)(١) أمر بالاعتبار ، وهو ينافي جواز التقليد.
وفيه نظر ، فإنّ المجاوزة من الدليل إلى المدلول اعتبار ، وكما يتناول النصّ والإجماع وغيرهما من الأدلّة كذا يتناول قول الصحابي ، لأنّه إذا كان حجّة واستدلّ به على الحكم كان اعتبارا.
الثاني : قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(٢) أوجب الردّ عند الاختلاف إلى الله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فالردّ إلى مذهب الصحابي يكون تركا للواجب ، وهو ممتنع.
اعترض بمنع دلالة الأمر على الوجوب.
سلّمنا ، لكن عند إمكان الرد ، وهو أن يكون الحكم المختلف فيه مبيّنا في الكتاب أو السنّة ، أمّا على تقدير عدم كونه مبيّنا فيهما فلا. ونحن إنّما نقول باتّباع مذهب الصحابي مع عدم الظفر بما يدلّ على حكم الواقعة من الكتاب.
وفيه نظر ، لما تقدّم من أنّ الأمر للوجوب والأمر بالردّ في المختلف إلى ما لا بيان فيه تكليف بما لا يطاق ، فوجب اشتمال الكتاب والسنّة على كلّ مختلف فيه من الأحكام. وظاهر اشتمالها عليه فإنّ العمومات وغيرها من قضايا العقل كالبراءة الأصلية والاستصحاب وغيرهما وافية بجميع
__________________
(١) الحشر : ٢.
(٢) النساء : ٥٩.