السابع : التابعي المجتهد متمكّن من تحصيل الحكم بطريقه ، فلا يجوز له التقليد فيه كالأصول.
اعترض (١) بأنّ اتّباع مذهب الصحابي إنّما يكون تقليدا له لو لم يكن حجّة متّبعة ، وهو محلّ النزاع ، وخرج عليه الأصول فإنّ القطع واليقين معتبر فيها ، ومذهب الغير من أهل الاجتهاد فيها ليس بحجّة قاطعة ، فكان اتّباعه في مذهبه تقليدا من غير دليل ، وهو غير جائز.
وفيه نظر ، فإنّ معنى التقليد ليس إلّا العمل بقول الغير من غير حجّة ، ولو كان قول الصحابي حجّة لكان باعتبار الزهد والعلم ، وإذا وجدا في غيره تساويا ، فكما لم يكن قول غيره حجّة كذا قوله.
واحتجّ المخالف بوجوه (٢) :
الأوّل : قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ)(٣) وهو خطاب مع الصحابة ، والمعروف واجب القبول.
الثاني : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» (٤) جعل الاهتداء لازما للاقتداء بأي واحد كان منهم ، وذلك يقتضي أن يكون قوله حجّة.
__________________
(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٧.
(٢) ذكرها مع الأجوبة عنها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦٢ ـ ٥٦٣ ؛ الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٨ ـ ١٦٠.
(٣) آل عمران : ١١٠.
(٤) راجع إحقاق الحق : ٣ / ٩٣ ـ ٩٦ ، حيث ذكر مصادر الحديث من كتب أهل السنّة ثم ناقش فيها سندا ودلالة.